الجمعة، 10 يونيو 2011


أصيل ( 8 ) ... ياسر عبد القوى

................................... 
                      


      الأسكندرية .. مدينة 

منسية , متروكة باهمال على

 ساحل المتوسط . تجتر عصر 

الكوزموبوليتانية , تبحث عن 

مزيل للرائحة , وتحشو

 الأخاديد التى حفرها الزمن

 بالمساحيق الرخيصة . تلهى 

العابرين بدمية للأسكندر , 

وناطحات السحاب التى تغرس سيقانها فى وحل العشوائيات .

     نأسى فى ندواتنا على حال المدينة , وننتقد مظاهر فقر الفكر التى تخيم على 

العروس الشائهة . ولعل أول من أطلق عبارة ( كفر الأسكندرية ) هو ياسر عبد

 القوى , تعبيرا عما آل اليه حال سيدة المدن  فما أن يلمع نجم فى سماء الأسكندرية

 حتى تغويه النداهة , فيرحل الى الأضواء والموائد . وكنت أرى ياسر فأتخيله فى 

صورة أقرب ماتكون الى صورة الرجل الأخضر لحظة التحول , اذ تتمزق سترته

 محررة للطاقة المحبوسة . ولم يمر بالندوة خلال تاريخها من هو أكثر منه اثارة 

للجدل . بالضبط كما لو أن عاصفة سيريالية هبت على الندوة . ونادرا مامرت 

قصائده أو قصصه مرور الكرام . بل كانت على الدوام مصحوبة بعواصف من 

المناقشات مابين الرفض والقبول .

      وعلى الرغم من أن السريالية فى ذلك الوقت من بدايات التسعينيات كانت 

موضة رائجة , تعثر على نماذج منها فى كل تجمع أدبى , وفى كل اصدارة , الا أن

 ياسر عبد القوى كان يتميز بالصدق . فقد كان يدرك أبعاد الاطار الذى يتحرك خلاله

 . وكنت تصدقه كمتلقى مهما غصت أعماله بالصور غير المألوفة , والجمل الصادمة 

. وقد أحدث التيار السريالى الذى جلبه ياسر الى الندوة نوعا من الحراك الثقافى .

 وأزعم أن أفكاره وصوره قد تلاقحت مع سواها حتى لقد كنت ألمح شذرات من آثاره

 فى أعمال الأدباء من الأجيال التى تلته .

      ولقد جسد ياسر نموذج من المبدعين متعددى المواهب , فبالاضافة الى

 مساهماته فى القصة والشعر ,فلقد كان فنانا تشكيليا فريدا ,لم تشبه خطوطه

 وتكويناته أحد من سابقيه . ومن البصمات التى تركها ياسر عبد القوى اضافة الى

 الروح السريالية التى نفثها فى الندوة , مساهمته فى تصميم أغلفة كتاب أصيل . 

فهو صاحب الأغلفة التى حملتها كلا من المجموعة القصصية عش الدبابير , ورواية 

الكشر التى أصدرتهما الجماعة ضمن السلسلة . ولربما روضت الأيام بعضا من 

جموح ياسر .

الا أنه نفس الفنان المتمرد الذى عرفته . وسيظل .


ليست هناك تعليقات: