الخميس، 26 مايو 2011
أمسية من أمسيات صيف عام 86 الحارة , قادتنى قدماى الى قصر ثقافة الحرية ( قصر التذوق الآن ) قاصدا ندوة القصة بعد انقطاع دام عشرون عاما بدأت بالتحاقى بالكلية الحربية فى نهاية الستينيات , أنفقتها فى خدمة ميدانية شاقة فى ربوع وصحارى مصر , لم أنجز فيها شيئا ذا بال , ولم أحقق تطلعاتى نظرا لرومانسيتى الشديدة , فقد كنت أرى للحق وجها واحدا بينما كان له عديد من الأوجه .
وجدتنى أرتقى مدخل قصر الثقافة , دخلت قاعة القصة القصيرة لأجد عبد الله هاشم يدير ندوة تقليدية . قادتنى المصادفة لأجلس الى جوار ِ( شاب ) أربعينى نوبى الملامح . سمرته المحببة ودماثته أزالتا الحواجز فتعارفنا سريعا بلا عوائق . قادنا الحديث حول شئون الأدب والكتابة الى المجاهرة بالضجر من الندوةالدائرة فانصرفنا قبل انتهائها واستكملنا الحديث سيرا فى النبى دانيال . كان ذلك الأربعينى الدمث هو حجاج أدول . زاملته منذ ذلك الحين ما يقرب من عشر سنوات . كنت أستطيع على الدوام أن أسمع مراجل الغضب تدوى فى صدره , كان قد أنفق تسع سنوات مجندا فى الجيش حارب فيها الاسرائيليين وأحرز مع رفاقه النصر وعاد ليجد فى انتظاره مقعدا خشبيا هالكا فى وزارة الزراعة ومرتبا هزيلا فانكفأ شأن النبلاء على موهبته ينحتها بدأب لم أر له مثيلا . كان حينئذ يعالج قصص مجموعته الأولى التى نشرها فيما بعد تحت اسم ( ليالى المسك العتيقة ) . بهرتنى قصة الرحيل الى ناس النهر أحدى قصص المجموعة , تمنيت وقتها لو سمى المجموعة باسمها . وقعت فى غرام بطلة القصة ( آشا آشرى ) , قطعت آشا نياط قلبى وهى تصرخ ملتاعة : ( صيام يانسٌاى) .. كان صيام وقتها غائبا بالغرق فى النهر فى رحلة العودة من الغرق الأول فى المدينة الشمالية , ولم يغفر حجاج للخزان أن كان السبب فى تغريبة صيام , ولوعة آشا . كانت أزمة غرق النوبة والتهجير ماثلة فى كيانه منذ ذلك الوقت . حتى جرفته السياسة فتشعبت بنا الطرق ولم أعد أراه منذ عام 96 أثر رحيل أنور جعفر . كأنما كان أنور هو الخيط الذى يجمعنى بحجاج, رغم أن الأمر لم يكن كذلك , لكن هذا مابدا على أى حال .
فى لقائى الأول بحجاج وقبل أن نفترق وعد بأن يصحبنى فى الأسبوع المقبل ليقدمنى الى شخص فريد . قال أننى سوف أعجب به . ,قال أيضا أنه بالتأكيد سوف يحتفى بى , وقد كان , أصطحبنى فى الأسبوع التالى الى صالون أنور جعفر لكى تبدأ الخطوة الأولى من رحلة الألف ميل المسماة ( أصيل ) .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق